الاثنين، 7 فبراير 2011

                                 دولة الربيع

سقطتْ دولة الشـتـاء، وقــــــــــــــامتْ              

                                بعـدهـا دولةُ الربـيعِ الرفـــــــــــيعهْ

فـانـتشَى الكـونُ ثـم مـال ابتهـــــــاجًا                     

                               بـارتقـاءِ الربـيع عـرشَ الطبـــــــــيعه

 
بـايعتْهُ الطـيـورُ فــــــــــــي كل دَوْحٍ، 

                              لـم تبـايعْه شـيعةً دون شـــــــــــــيعه

وشدَتْ بـاسمه الـبـلابـلُ جهــــــــــــرًا

                           ثـمِلاتٍ عـلى الغصـون الــــــــــــوديعه


لـيس مذيـاعُه «جهـازًا»، ولكــــــــــــن 
                         «عـندلـيبٌ» له السمـاء سمــــــــــــيعَه

أريحَيٌّ تسدي الجـمـيلَ يـــــــــــــــداه 
                        وجـمـيلٌ يُبـدي الجـمـالَ جـمــــــــــيعَه


أدَّبَ الريحَ فهـي تجـري رُخــــــــــــــاءً 
                        أو تهـادَى مُدلَّةً، لا خلـــــــــــــــيعه


وكـسـا الغصنَ نَضرةً بعــــــــــــــد يُبْسٍ 
                       فـانثنى بـالجَنَى شكـورًا صنـــــــــــيعه



ورأى الروضَ عـاطلاً فحـبـــــــــــــــاه 
                      زَهَراتٍ مـثلَ الـحـلـيِّ بــــــــــــــديعه


فـابتدا الزهـرُ يشـرعُ الـحـب ديـــــــنًا 
                      وشَذاهُ رســـــــــــــــــولُ تلك الشَّريعه


وابتدا الطـيرُ فـي الرُّبـا يـتـنــــــاغى 
                      بعـد طـولِ الجَفـا وطـولِ القطـــــــــيعه


لإله الـورَى ودائعُ شــــــــــــــــــتًى 
                      غـيرَ أن الربــــــــــــــيعَ أغلى وديعه


هـو حُلْمُ الـحـيـاة، بـل هــــــــــو وصْلٌ 
                      ولـيـالـي الـوصـال تـمضـي ســــــــريعه


لهْفَ نفسـي، أيـنقضـي فـي شهـــــــــــورٍ 
                      ويغـيضُ الجـمـالُ؟ - يـا للفجــــــــيعه!


لـو تـروح «الفصـول» تشفعُ فـيـنــــــــا 
                     لـم يَخِبْ جـاعـلُ الربـيع شفـــــــــــيعَه

                                          أعشاش الطيور

ابتَنـي يـا طـيرُ أعـشـاشَ الـمـــــــــنى               مشْرفـاتٍ فـوق أعطـافِ الشجــــــــــــــرْ
وانعَمـي بـيـن قـدودٍ مـن غصــــــــــــو               نٍ، تثنَّت فـي حـلـيٍّ مـــــــــــــــن زَهَر
وثغورٍ مـن زهـــــــــــــــــــورٍ، وطلاً                 مـن أريجٍ، ونهـودٍ مـن ثـمــــــــــــــر
وتغنَّيْ بجـمـال الشمس فـــــــــــــــــي                دوحِكِ العـالـي، وإنِّي للقـمـــــــــــــر
واقـرئـي مـن «سـورة الفجـر» لنــــــــا             أنـت قـد أحسنـتِ تـرتـــــــــــيلَ السُّور
واهـبطـي الأرضَ للَقْط الـــــــــــحَبِّ، أو             لشَكـاة الـحُبِّ للنهـــــــــــــــر الأبَر
وإذا جفَّ غديرٌ فدمــــــــــــــــــــــو                   عُ النَّدَى تكفـيكِ، أو دمعُ الـــــــــــمطر
أنـبأتكِ الشمس فـيـمـا أنــــــــــــبأَتْ                 أن أبنـــــــــــــــــاء الثَّرى رُوّادُ شَر
فتـرفَّعتِ عـن الأرض الـتــــــــــــــــي               كـم شكَتْ للهِ مـن ظلـم الـبشــــــــــــر
وتحـامَيْتِ الـوَرى صـاعـــــــــــــــــدةً               حَذَرَ الشـرِّ، وهل يُغنـي الــــــــــــحذر؟
اِحذري مـــــــــــــــا شئتِ أو لا تحذري             ذا وذا ســــــــــــــــيّانِ إن حُمَّ القَدَر
إن للـدَّهـرِ سهـــــــــــــــــــامًا مُرَّةً                  ويـدُ الصــــــــــــــــــيّادِ أدهى وأمَر


محمد السيد شحاتة (شاعر البراري).
ولد في كفر الجرايدة (بمحافظة كفر الشيخ).
عاش في مصر.
حصل على شهادة الكفاءة للتعليم الأولي.
عمل بمكتبة بلدية طنطا.
عرف بلقب شاعر البراري، نسبة إلى المنطقة التي يعيش فيها من شمالي الدلتا المصرية.

الإنتاج الشعري:
- صدرت له الدواوين التالية: «ديوان شاعر البراري» (جـ1) - 1928، و(جـ2) - 1929، و(جـ3) - (د.ت)، و«خمر وجمر» - 1935، و«نجوم ورجوم» - مطبعة الوفاق - بلقاس 1936، و«وحي البراري» - 1939، و«بين أحضان الطبيعة» (جـ1) - مكتبة نهضة مصر - القاهرة 1942، و(جـ2) - مكتبة نهضة مصر - القاهرة 1948، و«مع الدين» (جـ1) - مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه - القاهرة 1954، و(جـ2) - مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه - القاهرة 1954، و(جـ3) - مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه - القاهرة 1955، و«بين الماضي والحاضر» - 1956، و«مع مجلس الأمة» - حول ملابس النساء - 1957، و«مع الطبيعة» - 1961، و«الديوان الكبير لشاعر البراري: محمد السيد شحاتة» - منشورات دار السلاسل - الكويت 1986، (جمعت مادته توبة محمد السيد شحاته - ابنة الشاعر، أعده للنشر: إسماعيل الصيفي)، وله قصيدة: «إلى رسول الله () - صحيفة الوفاق الأسبوعية (ع283) - القاهرة 1934، وله قصائد نشرت في مجلة «الثقافة» القاهرية، منها: «مفتي الطبيعة» - (ع74) - 28/5/1940، و«الربيع» - (ع 120) - 15/4/1941، و«الورد» - (ع 141) - 9/10/1941، وله قصيدة: «ابني» - المقتطف - القاهرة نوفمبر 1946، وديوان مخطوط بدون عنوان.
ارتبط شعره بالطبيعة التي استمد منها لقبه (شاعر البراري)، تشف عناوين قصائده بداية عن هذه العلاقة (أعشاش الطيور - البلبل - صيف القرية - راعي الغنم - الوردة - دولة الربيع)، فقد لعبت الطبيعة دورها الكبير في فنية القصيدة عنده، فكانت المرآة التي تعكس رؤيته للحياة والإنسان، وكانت مدار أسئلة الوجود المتعددة التي تعبر عنها بعمق مقطوعته «الغراب»؛ على أن عناوين دواوينه بين الطبيعة والمجتمع والدين ترسم صورة لتموجات حياته ومصادر فنه الشعري. على أن نزوعه إلى التفلسف ورصد مفارقات الحياة أسلوب تنفس على امتداد تجاربه.

مصادر الدراسة:
1 - إسماعيل الصيفي: مقدمة الديوان الكبير لشاعر البراري.
2 - حسن أحمد الكبير: تطور القصيدة الغنائية في الشعر العربي الحديث - دار الفكر العربي - القاهرة 1979.
3 - عبدالله شرف: شعراء مصر 1900 - 1990 - المطبعة العربية الحديثة - القاهرة 1993.